سورة الدخان - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


{وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)}
وقرئ {ولقد فتنا} بالتشديد للتأكيد. أو لوقوعه على القوم. ومعنى الفتنة: أنه أمهلهم ووسع عليهم في الرزق؛ فكان ذلك سبباً في ارتكابهم المعاصي واقتراقهم الآثام. أو ابتلاهم بإرسال موسى إليهم ليؤمنوا، فاختاروا الكفر على الإيمان، أو سلبهم ملكهم وأغرقهم {كَرِيمٌ} على الله وعلى عباده المؤمنين. أو كريم في نفسه، لأنّ الله لم يبعث نبياً إلا من سراة قومه وكرامهم {أَنْ أدوا إِلَىَّ} هي أن المفسرة، لأن مجيء الرسول من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله. أو المخففة من الثقيلة ومعناه: وجاءهم بأن الشأن والحديث أدّوا إليّ {عِبَادَ الله} مفعول به وهم بنو إسرائيل، يقول: أدوهم إليّ وأرسلوهم معي، كقوله تعالى: {أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسرائيل وَلاَ تُعَذّبْهُمْ} [طه: 47] ويجوز أن يكون نداء لهم على: أدوا إليّ يا عباد الله ما هو واجب لي عليكم من الإيمان لي وقبول دعوتي واتباع سبيلي، وعلل ذلك بأنه {رَسُولٌ أَمِينٌ} غير ظنين قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته {وَأَن لاَّ تَعْلُواْ} أن هذه مثل الأولى في وجهيها، أي: لا تستكبروا {عَلَى الله} بالاستهانة برسوله ووحيه. أو لا تستكبروا على نبيّ الله {بسلطان مُّبِينٍ} بحجة واضحة {أَن تَرْجُمُونِ} أن تقتلون. وقرئ {عت} بالإدغام. ومعناه أنه عائذ بربه متكل على أنه يعصمه منهم ومن كيدهم، فهو غير مبال بما كانوا يتوعدونهُ به من الرجم والقتل {فاعتزلون} يريد: إن لم يؤمن لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمنوا، فتنحوا عني واقطعوا أسباب الوصلة عني، أي: فخلوني كفافاً لا لي ولا عليّ، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم؛ فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلاحكم ذلك.


{فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)}
{أَنَّ هاؤلآء} بأن هؤلاء، أي: دعا ربه بذلك. قيل: كان دعاؤه: اللَّهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم: وقيل هو قوله: {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلْقَوْمِ الظالمين} [يونس: 85] وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين. وقرئ {إنّ هؤلاء} بالكسر على إضمار القول، أي: فدعا ربه فقال: إن هؤلاء {فَأَسْرِ} قرئ بقطع الهمزة من أسرى، ووصلها من سرى. وفيه وجهان: إضمار القول بعد الفاء، فقال: أسر بعبادي. وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل: قال إن كان الأمر كما تقول فأسر {بِعِبَادِى} يعني: فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين ويغرق التابعين. الرهو فيه وجهان، أحدهما: أنه الساكن. قال الأعشى:
يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَةٌ *** وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ
أي مشياً ساكناً على هينة. أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكناً على هيئته، قارّاً على حاله: من انتصاب الماء، وكون الطريق يبساً لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئاً ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم.
والثاني: أن الرهو الفجوة الواسعة.
وعن بعض العرب: أنه رأى جملاً فالجاً فقال: سبحان الله، رهوٌ بين سنامين، أي: اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} وقرئ بالفتح، بمعنى: لأنهم.


{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)}
والمقام الكريم: ما كان لهم من المجالس والمنازل الحسنة. وقيل: المنابر. والنعمة- بالفتح- من التنعم، وبالكسر- من الإنعام. وقرئ: {فاكهين} وفكهين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5